رئيس التحرير : مشعل العريفي
 فهد الأحمري
فهد الأحمري

ملء الفراغ الأميركي عربيا

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

الأمة العربية في مأزق، غير أن من حسن طالع هذه الأمة وجود زعيمين بحجم سلمان والسيسي، يدركان خطورة المأزق فينتشلان الأمة. الملك سلمان والرئيس السيسي، يعيان مشاريع قوى خارجية تعمل على إعادة تقسيم حدود المنطقة، وتستغل قوى إقليمية وأحزابا محلية تتقاطع أهدافها مع تلك القوى العظمى، ويسيل لعابها لاقتطاع الكيكة مهما تلطخت عباءة الفضيلة، فالغنائم الوفيرة لاحقا كفيلة بغسل ما تلطخ على البدن ظاهرا ليستر دنس العمالة باطنا. الخطر الفارسي هو الآخر يكشر عن أنيابه على دول المنطقة، وقد ابتلع بعضها، والكارثة أن هناك من بيننا من تلتقي مصالحه مع مصالح إيران، لا أتحدث عن الطائفية، بل أتحدث عن أبناء السنة المنتمين للجماعات الإرهابية، الذين توظفهم إيران لتحقيق أهدافها، كما ثبت مؤخرا في تورط إيران بأحداث 11 سبتمبر، وكان ضمن المنفذين أفراد سعوديون، الأمر الذي ألحق أضرارا جسيمة بالمملكة العربية السعودية حكومة وشعبا، فضلاً عن الأضرار التي عملت على تشويه الإسلام وعموم المسلمين. الوضع العربي في أسوأ حالاته، غير أن المحور السعودي المصري قادر على انتشال الأمة العربية من هذه الحال التي لا تسرّ سوى الأعداء الظاهرين، والأعداء في ثوب الأصدقاء. قوة مصر تصب في استقرار المنطقة، لهذا تسعى المملكة العربية السعودية إلى استقرار مصر سياسيا واقتصاديا وعسكريا منذ عهد الملك عبدالعزيز، لهذا برزت في المشهد الحالي صورة للملك سلمان بالبدلة العسكرية متطوعا للذود عن مصر إبان العدوان الثلاثي. وإذا كانت السعودية قدمت أبناءها فداء لمصر، يتقدمهم عدد من أفراد الأسرة المالكة عام 1956، فإن هذا دليل على الوحدة والتلاحم العربي. لقد قامت أميركا بإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وقدمت أموالها الطائلة في مشروع وزير خارجيتها آنذاك "مارشال" لتستعيد الدول الأوروبية عافيتها، وتصبح في هذا الوضع الذي نراه جميعا، فكيف لا تقدم المملكة العربية السعودية دعمها لمصر، وبيننا من الروابط ما ليس بين أميركا وأوروبا. في "مشروع مارشال" الأميركي عام 1947 عادت أميركا بالنفع على بلدها وشعوبها سياسيا واقتصاديا، فقد حققت أميركا عوائد مالية هائلة عن طريق الاستثمارات، وشراء المشروعات في "برامج الإعمار" العملاقة، إضافة إلى المكاسب الإستراتيجية في تكتل أوروبا سياسيا وعسكريا خلف الزعامة الأميركية، وربط تلك الدول اقتصاديا بعجلة الاقتصاد الأميركي. لقد أنقذت أميركا أوروبا من براثن الشيوعية، بفضل "مشروع مارشال" البعيد النظر، وهكذا موقف الملك سلمان ينقذ مصر من عثراتها الاقتصادية، كي تستعيد عافيتها الآن. المشروع الأميركي أنقذ أوروبا من الاشتراكية الشيوعية، والمشروع السعودي ينقذ مصر مما يحاك لها في الخفاء والعلن ومحاولة تركيعها. وبالتالي فهي تسديدة قوية مزدوجة ضد أعداء البلدين. هكذا جاء موقف الملك سلمان ردا على المؤامرة الدولية التي تحاك لمنطقة الشرق الأوسط، والتي أعلنت عنها كونداليز رايس، وأسمتها "الشرق الأوسط الجديد"، والذي هو في حقيقته تفتيت دول المنطقة. جهود الملك سلمان شملت جسر الملك سلمان البري الذي يربط بين مصر والسعودية، بل هو في حقيقة الأمر يربط بين قارتي "آسيا وإفريقيا"، بين عرب الشرق وعرب الغرب. هذه هي الخريطة المنتظرة لإعادة اللحمة الوطنية للدول العربية، وتثبيت ركائز الشرق الأوسط القديم. وثبت أيضا أنه بعد توافر إمكان استخراج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأميركية، وتناقص الطلب على الطاقة، فإن أهمية منطقة الشرق الأوسط لم تعد تساوي الجهد أو الكلفة التي كانت تُقدّم من قبل. من هنا، بات على القوى الإقليمية الأساسية عربيا: السعودية ومصر، أن تبني سياساتها في المدى القصير والمتوسط على أنه يتعين ملء الفراغ الأميركي عربيا بواسطة قوى الوسطية والاعتدال، بدلا من أن تتقاسمها قوى أخرى من خارج الوطن العربي. نقلا عن الوطن

آخر تعليق

لا يوجد تعليقات

arrow up